رواية رمادي | د. منار شهاب

$4.50

 

أن تستيقظ كل يوم باكراً لتواجه واقعك الذي تعرف عنه القليل يُعدّْ شيئاً مخيفاً؛ فعقلك لا يكُفّ عن التفكير فيمَ هو بانتظارك اليوم، لكن أن يستيقظ العالم بأسْرِه فجأة على واقع لا يعرفه، حياة صاغ البشر قوانينها المطلقة، قوانين لا تعرف معنى المنطقيَّة؛ لأنها لا تملك تعريف لأي شيء.

الماضي غائب وكأنه لم يكن، والحياة تسير وفقاً لِمَا هو مُحدَّد لها أن تؤول إليه: المستقبل الحتميّ.

لو كان الشعور بالخوف هو أقصى ما يُثير ذعرنا، ففي هذا العالم الذي اقتُصَّ زمنه من أبعاد الحياة، الاعتراف بالخوف ذاته هو الأسوأ، في عالم نصنع نحن فيه البداية والطريق والنهاية لتبدو حياتنا هادئة، هدوء لا يمكن للخوف أن يعبث معه.

إلى كل مَن يؤمنون بواقعيّة النهايات السعيدة، إن كانت كذلك.. فلِمَا لا زلتم تبحثون عنها بين طيّات الكتب؟!

الوصف

أن تستيقظ كل يوم باكراً لتواجه واقعك الذي تعرف عنه القليل يُعدّْ شيئًا مخيفًا؛ فعقلك لا يكُفّ عن التفكير فيمَ هو بانتظارك اليوم، لكن أن يستيقظ العالم بأسْرِه فجأة على واقع لا يعرفه، حياة صاغ البشر قوانينها المطلقة، قوانين لا تعرف معنى المنطقيَّة؛ لأنها لا تملك تعريف لأي شيء.

الماضي غائب وكأنه لم يكن، والحياة تسير وفقًا لِمَا هو مُحدَّد لها أن تؤول إليه: المستقبل الحتميّ.

لو كان الشعور بالخوف هو أقصى ما يُثير ذعرنا، ففي هذا العالم الذي اقتُصَّ زمنه من أبعاد الحياة، الاعتراف بالخوف ذاته هو الأسوأ، في عالم نصنع نحن فيه البداية والطريق والنهاية لتبدو حياتنا هادئة، هدوء لا يمكن للخوف أن يعبث معه…

معلومات إضافية

نوع الغلاف

غلاف سلوفان 350 جرام فاخر

جهة الإيداع

الهيئة المصرية العامة للكتاب

رقم الطبعة

الطبعة الثانية

سنة النشر

2022

عدد الصفحات

386 صفحة

مقاس الكتاب

الحجم الأدبي 15سم في 19سم

المؤلف

د. منار شهاب

الفصل الأول

غومار…

كانت تقف بثبات وهدوء شديدين لا يتناسبان مع حقيقة ما تشعر به، شعور بالإهانة اجتاح كل كيانها عندما تحسَّسها الحارس على باب الرَدهة الرحيبة فاحصاً إياها كالبضاعة؛ ليتأكَّد من صلاحيَّتها.

يقتلها كبرياءها المُبَعثر عند أقدام الحارس حينما طرحها أرضاً؛ عَقِب محاولتها لمقاومته؛ لإيمانها في قرارة نفسها أنها لا تستحق معاملة كتلك.
كل ما تعلَّمته في صغرها لم تدرك معناه إلا في هذه اللحظة، ليتملَّكها الخوف فتستسلم أخيراً للأيدي تعبث بها، وتحرِّكها كالدمية، استطاعت أن تحبس عبراتها لفترة قصيرة.

-تحرَّكي يا هذه.

قالها أحد الحرّاس دافعاً إيّاها للداخل.

كان تماس قدمها بالجص الملوَّن لأرضية الرَدهة بمثابة الفتيل الذي أُشْعِلَ داخلها كمداً على حالها، كما حدث مع بقيَّة الفتيات؛ فانطلقت العَبَرات في تدافُع عابرة حاجز عينيها.

وكأن وجهها ككل جسدها يرفض تلك الدمعات، ويرفض الإفصاح عن الضعف الذي يجتاحه، فتدحرجت سريعا لتلامس الأرض اللامعة مُضاعفة انعكاس صورة وجهها المنكسر، فكانت دموعها ودموع كل الفتيات اللواتي يُدْفَعن بوحشيَّة من قِبَل الحراس للداخل هي المصدر الوحيد للرطوبة في المكان.

رَدهة جافة وباردة، موحشة كداخل الحراس، كئيبة كداخل الفتيات، مليئة بأقفاص بشرية عملاقة تزاحمن فيها، بعضهن كن يبكين، أخريات كن ينتفضن خوفاً، أما من سبقت منهن إلى هناك كانت قد فقدت كل طاقتها بالفعل.

أما هي ظلَّت تُحكِم قبضتها على قضبان القفص الذي حُبِسَت فيه، تراقب حارس الباب يُلقي عليهن نظرة اشمئزاز أخيره، منزعجاً من صرخات توسلهن ثم أغلق البوابة العظيمة.

في تلك اللحظة انهار داخلها تماماً؛ لأنها أدركت مدى ضَآلتها في هذا العالم الذي تخطو فيه خطوتها الأولى لاكتشاف حقيقته.

بحثت عن ركن مظلم تُواري فيه ضعفها، إلَّا أنه لم يوجد ما هو مظلم سوى داخلهن، بينما الرَدهة تَعُجُّ بالألوان. قاعة عظيمة الاتساع، دائرية التصميم، تحتوي على سبعة أقفاص ضخمة يأخذ كل منها لوناً مختلفاً، الأحمر والبنفسجي الأقرب من الباب، بينما يتوسطهم البرتقالي، الأصفر، الأخضر، والأزرق.

لا يوجد بالمكان أي فتحات غير الباب الذي ما إن أُغلِق لا يمكن تمييزه عن الجدران المجاورة له، غرفه لا بداية لها ولا نهاية. أما الإضاءة شديدة السطوع لدرجة تعمي الأعين عن وجود سقف للقاعة، كأنه عالماً أثيريّاً لا أبعاد فيه ولا حدود، عالم لا وجود له إلا في عقولهن المسفوح منها كل شيء؛ سوى أقفاصه وألوانه.

ترنَّحت الفتيات بسرعة لحظيَّة عندما بدأت الأقفاص في الارتفاع، توقَّفت عند علوّ شاهق؛ حينها لاحظن الجدر المُنبَثِقَة من الأرض قد أصبحت موازية للأقفاص، بينما امتلأت الفراغات بين الجدران بسوائل ملوَّنة تغلي كالزئبق، وتعلوها السحب متداخلة الألوان.

لحظات قليلة حتى هدأ الغليان وانقشعت السحب، لكنها خلَّفت في السوائل كتل تُشبه الجمار المستعرة. راقبت الفتيات ما يحدث بمشاعر مختلطة، من بينهن هي.. كان الفضول يأكلها، فأخرجت يدها من القفص بحذر كي تتحسَّس تلك السوائل، إلَّا أنها تراجعت في فزع مُربِّتة على قلبها كي يهدأ حينما جذبتها إحداهن صارخة في وجهها:

-ستقتلين نفسك.

نظرت للفتاة التي قالت وهي تسحب الشريط الذي جمعت به شعرها، وتدليه ليمسّ طرفه الجمار.

-انظري لِمَا سيحدث.

استشرى من الطرف الذي مسَّ شريطها الأزرق لون رمادي على طوله بالكامل، نفخت فيه فتبعثر كالغبار لآلاف الجزيئات حتى اختفى تماماً كأن لم يكن له وجود.

نظرت للفتاة بارتياع؛ فهزَّت الأخرى كتفيها، ثم قالت بصوتٍ عالٍ مُشيرة للجمار:

-لابد أن نبقى بعيدات عن هذا الشيء؛ لنظلّ بأمان.

جلست مُتربِّعة أمام القضبان، ونظرت طويلاً إلى السائل المتحول، قالت مُحدِّثَة نفسها:

“يبدو أن الجمال يشفع بشاعة ما تفعله هذه الأشياء، فكل ما هو هنا صُنِعَ جميلاً ومشرقاً على الرغم من قسوته، وعلى العكس من ظلمة الخوف الذي ملأنا جميعاً؛ ليُذكِّرنا أننا القبح الوحيد في هذا العالم.

قد تختلف وتتضارب مشاعرنا في مثل هذا الموقف، لكن الشيء الأكيد.. أن جميعنا بداخل تلك الأقفاص محاصرات بالخوف. انعدام إرادتنا -الشيء الذي تربَّينا عليه- يجعل من أي واحدة تفكر في أي شيء، عدا أن تبقى بأمان لحين أن يُقرَّر مصيرها، أمراً في غاية السذاجة”.

بحثت عن رقعة خالية تنكمش فيها على نفسها، في انتظار ما هو مُقَدَّر لها لاحقاً، وتُسلِّي نفسها بذكرياتها في غومار.
كانت سماء غومار -مدينة النساء- غائمة دوماً، والرطوبة عالية، وممطرة في كثير من الأحيان. تعمل كل فتياتها ونساءها في خدمة رجال مدينة سودون (مدينة الرجال).

أغلبهنّ تعملنْ في مصانع الغذاء والكساء، وكثير من محال الحرف اليدويَّة في قلب المدينة.. يحيط بها النُزُل الملوَّنة، إلَّا أن ألوانها باهتة وأغلبها مُلطَّخ بالشحوم والقذارات، ويعلوها أعلام سودون الملوَّنة. تلك النزل عبارة عن غرف منفصلة، حيث تمكث كل فتاة بشكل منعزل في خارج أوقات العمل.

مدينة تتَّشِح بالكَآبَة عدا الساحة على أطرافها، مبهجة إلى حد ما مقارنة ببقيَّة المدينة، يوجد بها مقاه ومحال الزينة، التي تُفتَح فقط في أيام المزاد. في منتصف الساحة الواسعة توجد تبَّة من الجص اللامع تشبه المسرح الكبير، ولها نفس ألوان الأعلام، يتوسَّطها عمود يرتفع إلى مالا نهاية مخترقاً غيوم غومار. يوجد أيضاً بالساحة متجر الحلوى الذي تخدم به، تعلَّمت فيه كيفيَّة صُنع الحلويات خِلسة.

أمَّا المنزل الوحيد بالمدينة بأكملها، يعود للسيِّدة جديلة نائبة عمدة سودون، وتطلق عليها الفتيات لقب الرئيسة. على الرغم من كونها أربعينية، إلا أن رأسها قد اشتعل شيباً في سن مبكِّرة، لكن ظلمة المدينة أطفأته فصار رمادياً أضفى إلى ملامحها -التي أَخْطَرت بفتاة كانت يوماً ما جميلة- وقاراً، لكن طمس ذلك الجمال تشقُّقَات جلدها، التي خلَّفها الشقاء؛ فَكَفَّنَتْ خلفها روحها الشابة.

ترى في هيئة العجوز الصغيرة أمراً يجعل علاقة صداقتهما أدفأ وأعمق بكثير ممَّا ستكون عليه لو أنها بدت أصغر سناً. تناديها باسمها مباشرة دون ألقاب، ممَّا ضايق جديلة قليلاً في بداية تعارفهما، لكنها أقرَّته وأحبَّته بعد ذلك، تحمل لها حصَّتها من الكعك المُعَدّ في متجر الحلويات، وتقضي معها ما يحلو لها من الوقت، قالت لها ذات مرة:

-سأتركك تناديني بجديلة، إذا علَّمتني كيف أصنع شيئاً حلواً مثلك.

على الرغم من أن توطيد العلاقات غير مسموح به في غومار، إلَّا أن الرئيسة تُسْتَثْنَى من كل القواعد، طالما لا يضر ذلك بمصلحة سودون.
في الوقت الذي ابتغت فيه تعليم جديلة ما كانت تستنبطه خِلسَة في المتجر، حاولت أن تتعلَّم هي الأخرى شيئاً من التزامها المُفرِط، أزعجتها كثيراً من بعثرتها اليومية لمطبخها، حتى أنها قالت لها بسبب ذلك:

-ستدفعينني يوماً لمعاقبتك؛ لأجبرك على الالتزام.

لكن لم تفعلها ابداً، بل كانت تُنَظِّم فوضاها بطيب خاطر، لذا قضاء الوقت مع جديلة هو أفضل شيء يحدث لها في يومها، وإن كان ينقضي سريعاً قبل أن تعود إلى غرفتها.

كانت الفتيات تُسلِّمن بطاقات تعريفهن -قبل التوجُّه للعمل- لنساء يُطلَق عليهن: مانحات البطاقات، ثم يستعدنها ليلاً عند الانتهاء من عملهن. أمَّا الحرّاس ينتشرون في أرجاء المدينة للمراقبة طيلة اليوم، والتدخُّل إذا لزم الأمر، فإذا تأخَّرت فتاة عن تَسلُّم بطاقتها في الليل لأيّ سبب؛ لن تتمكَّن من دخول غرفتها، وتظلّ مُشرَّدة بالخارج في طرقات المدينة، حينها يتم تصفيتها في الحال.

هذا ما جعل كل دقيقة مهمة في غومار، لكنها وافرة الحظ؛ لأنها تتسلَّم بطاقتها من جديلة شخصياً. كانت تلهو ببطاقتها في طريق عودتها إلى غرفتها، حتى سقطت منها عندما اصطدمت بها عجوز كمهاء، تُحدِّثها بصوت مضطرب:

-إنه قادم، ولن يترك عليها أحد، لا تقولوا إني لم أحذِّركم.

انتبهت هي لبطاقتها المُلقاة على الأرض، فانحنت لالتقاطها، وحينما اعتدلت في وقفتها كانت العجوز قد اختفت، لكنها لم تلقِ لها بالاً. عادت إلى غرفتها، وتوقفت قليلاً عند الباب المكتوب عليه بحروف بارزة “عُنوة 476”.

هذا هو كل ما تعرفه عن نفسها، ولا تزيد عليه سوى أنها من دون البقاء مع جديلة كمثيلاتها من الفتيات.. وحيدة، وحيدة للغاية. أحبَّت عُنوة أيام المزاد؛ لأنه الوقت الذي تتلون فيه قليلاً ملامح غومار الباهتة، حيث تؤخذ الفتيات اللواتي أتممن الثامنة عشر إلى العيادة الكبرى في سِجْنِد (صوامع العلم)، ثم يعدن مرة أخرى وهن في أبهى هيئة.

تذهب العرائس إلى سودون مع من يتملَّكهن من الرجال، أمَّا الوصيفات يبقين في غومار للعمل بنواد الألوان، بينما ما تَبَقَّى منهن يوزعن في المدينة؛ ليعملن في الحرف أو يكنَّ مساعدات في دور التوجيه بالمدينة، حيث تتلقَّى فيها الفتيات تربية مكثَّفة عن كيفيَّة خدمة الرجال، سواء ذهبن إلى سودون أو بقين في غومار.

لكن هذا الموسم يختلف كثيراً عمَّا سبقه، وذلك اليوم تحديداً يختلف بالنسبة لعنوة، فبمجرَّد انتهاءه ستكون قد أكملت عامها الثامن عشر، وبذلك تبدأ فترة جديدة في حياتها. تعلم أن الجميلات تعملن في نواد الألوان في أقصى أطراف المدينة، حيث يتردَّد عليها بعض رجال سودون، ومن تنتفخ منهن بطنها، تذهب إلى دار الصغار (الدار التي يُجلَب منها الفتيات لغومار والصبية إلى سودون)، وما أن تضع حملها وينقضي بعض الوقت، تعود مرة أخرى للعمل بالنادي.

هذا ما كانت تخشاه؛ فهي لا تريد أن تعمل بتلك النوادي بعد ما رأته في دار الصغار، فبينما هي كعادتها تُشْبِع فضولها باختلاس النظر، رأت أمام عينيها إحداهن تموت بعد أن وضعت طفلها، وهي لا تتمنَّى لنفسها مصير كهذا.
ذهبت لجديلة كعادتها في يومها الأخير بالمدينة، التي استقبلتها بعناق طويل، قالت وهي تُقدِّم لها كعكة قامت بصنعها خصيصاً لها:
-كل عام وأنت بخير يا حلوتي.

أجابتها بحسرة:

-ربما يكون هذا أخر عام أكون فيه بخير يا جديلة.

تنهَّدت جديلة، قالت وهي تمسح على شعرها:

-أنا وأنت نعلم أن جمالك سيُبقيك هنا في غومار.

ردَّت عنوة بإحباط:

-أجل ولكن سأعمل في نواد الألوان.

قالت جديلة وهي تحتضنها:

-ما أن تعودي إلى هنا، دعي الأمر لي حينها.

لأوَّل مرَّة تخرج جديلة من وراء قناع صرامتها؛ فترقرقت في عينيها دمعات، حاولت جاهدة أن تغلق عليهن الطريق إلى مرأى عنوة؛ فخرج صوتها متأثراً:

-سأنتظرك.

في تلك اللحظة بدا الأمر لعنوة وحدها كأنه وداع، وكأن القادم يحمل ما لم يكن متوقعاً.
تحصل الفتيات على امتياز وحيد في اليوم الذي يسبق إتمامهن الثامنة عشر، وهو إعفاءهن من العمل، والسماح لهن بالتجوُّل بحريَّة في المدينة، شَريطة عدم الاختلاط.

هذا ما جعل عنوة تخطِّط لهذا اليوم لعدَّة سنوات، لكن ما حدث في الواقع يومها، أنها ظلَّت تتخبَّط بين طرقات المدينة دون الشعور بأي شيء عدا الخوف من القادم. ألقت نظرة أخيرة على الساحة الفارغة، ثم اتخذت طريق العودة إلى غرفتها المنعزلة، ظلّ بصرها مُعلَّقاً بالحروف الموجودة على الباب “عنوة 476”.

لم يعجبها شعورها بالرغبة في توديع كل شيء، وملئ روحها مرَّة أخيرة بمكان هي تمقته في الأصل، فنفَّضت رأسها سريعاً من هذه الأفكار، ثم دخلت الغرفة. ما إن دخلت سمعت صوت طرقات على الباب.
-من بالخارج؟
ردَّ عليها أحد الحراس
-أحمل ملابسك الجديدة من المصبغة.

تحسَّست بيدها ملابسها الجديدة التي ستغادر بها من غومار، والتي لم تختلف كثيراً عن القديمة التي جُمعت منذ أيام، وأُرسلت للمصبغة. لم تستطع النوم من كثرة التفكير أن اليوم التالي سترحل إلى سجند، مع جهلها التام بما ينتظرها؛ فضاعف الرعب بدخلها.

رغم أن شهيَّتها للطعام لم تكن في أَوْجُها كالعادة، إلا أنها قضت الليلة تأكل كل ما حملته معها من عند جديلة، لكن الطعام انقضى قبل أن ينقضي الليل؛ فأستبدَّ بها الملل. أخذت تتأمَّل في أرجاء الغرفة الضيِّقة التي تحمل طلاءات مختلفة الألوان، لكنها كانت باهتة للغاية بمرور الزمن، وقد تقشَّرَت أجزاء كبيرة منها بالفعل. في هذه الليلة بالذات بدأت تستفزَّها الألوان؛ لذا قرَّرت أن تقضيها في استكمال ما بدأه الدهر، وأخذت تُقَشِّر ما تَبَقَّى من طلاء على حوائط الغرفة.

بشكل ما استمتعت باللون الرمادي المخفي وراء تلك الألوان المزعجة، ربما لأنه اللون الوحيد الذي يتناسب مع ملابسها، مع قتامة المدينة، ومع مزيج ما تشعر به من جزع وهم، رغم محاولتها لشغل نفسها عنه لتستطيع الهروب أخيراً إلى عالم أحلامها، هناك حيث كان كل شيء بخير

7 مراجعات لـ رواية رمادي | د. منار شهاب

  1. 5 من 5

    لمياء مجدي

    رائعه تشمل كل انواع الادب والخيال والرومانسيه

  2. 5 من 5

    لمياء شهاب

    مزيج رائع من المشاعر والحالات النفسية والمادية
    رووعة

  3. 5 من 5

    باسل أحمد

    رواية رائعة، وكتابة عربية ممتازة.

  4. 5 من 5

    noura zaki

    تنقل الرواية جميع المشاعر المختلفة التي بداخلنا وتنتقل هذة المشاعر بين شخصيات الرواية التي برزت لنا طبيعة النفس البشرية. استمتعت كدًا بقرائة هذة الرواية التي ذهبي بي الي عالم من الخيال كنت قد افتقدته منذ مدة.

  5. 5 من 5

    أحمد عصام

    نص بارع، وخيال متميز، وشخصيات أتمنى أن تكون واقية ..
    تحياتي

  6. 5 من 5

    Aya sakr

    حلوة جدا واسلوبها مميزه

  7. 5 من 5

    هدي احمد محمد

    روايه قويه جدا في اسلوب الكتابه وتسلسل احداثها غير متوقع .
    عميقه جدا وَبها خيال وواقعيه


إضافة مراجعة