أفكار ومعاني سماوية

الوصف

كتاب أفكار ومعاني سماوية

تأليف الكاتب والباحث والمفكر الجزائري صالح بوكزيوة

هذا الكتاب :

إن هذه الأفكار وتلك المعاني السماوية الواردة إليَّ ثم الصادرة عني والمعروضة هنا هي في الغالب الأعم نتاج لمعايشة الحياة القائمة وقراءة موجوداتها وسبر أسرارها، ومحاولة فهمها والتمعن فيها وتفسيرها، أو أيضا لعملية استحضار الغائب من الأمور والاستنباط منه، وهي حصيلة لتفكير مستمر وعميق ومركز ودقيق وشامل وهادئ، ولملاحظة وتمحيص ودراسة واستخلاص النتائج المترتبة.

ولقد توصلت إليها أو بالأحرى هي التي وصلتني ودونتها في فترات متقاربة أحيانا قليلة ومتباعدة غالبًا، وذلك بالنظر لضرورة منح الوقت الكافي للمزيد من التفاعل مع المعطيات ولتوالد واختمار المواضيع المختلفة المعنية بالبحث فيها وفحصها، وأيضا لتذبذب مجيء وحضور دافع وداعي الكتابة وغيابهما عني طويلا في بعض الأحيان، مما يحرمني من القدرة اللازمة عليها والمتطلبات التي لا بد لي منها لها، ويجعلني عاجزا على ممارستها ويضطرني إلى الدخول في مراحل من الفراغ والبطالة الاجبارية.

وقد تناولت فيها عدة قضايا ومسائل وهموم متنوعة رأيت وقدرت أنها حساسة ووجيهة وهامة، وتستحق أن تحظى بالأولوية في التداول والبحث بشأنها من وجهة نظري على الأقل، منها ما هو مجرد وما هو ملموس، وما هو خيالي ونظري محض وما هو واقعي ميداني، وما هو خاص خالص وما هو عام، وما هو شكلي وما هو عميق وجوهري، وما هو بسيط وما هو أساسي ومعقد، وما هو عادي وما هو استثنائي، وما هو موضوعي وما هو ذاتي، وما هو مستوحى من ذكريات ومخلفات وبقايا الماضي وما هو مأخوذ من زخم ومجريات الحاضر المعيشي.

ومما يلاحظ عليها غياب الوحدة والترابط الموضوعي وكذلك الزمني، بحيث أنها تعلقت وأحاطت بمواضيع كثيرة ومختلفة في مجالات عدة، وكانت فضفاضة فغطت ووسعت (بكسر السين) ظروفا وأزمنة عديدة بعيدة وقريبة وآنية على مستوى شتى الأمكنة والمواقع، الأمر الذي جعلها غاية في الإلمام والشمولية والثراء.

وإنني قد حاولت بكل ما في وسعي وطاقتي من خلالها التماس الحقيقة والعقلانية والجدية والصدق والصراحة في قرارة نفسي ومع الآخرين في كل ما خلصت إليه وسجلته، غير آبه تماما إلا بما سينجر عنها لامحالة من الرأي الحيادي المحترم والنقد البناء في نطاق حرية التعبير، بعد الاطلاع عليها من طرف القراء، وهما قد يكونان لاذعين مغايرين ومخالفين لما هو مأمول من ردود الأفعال المرتقب لدينا أن تكون حميدة، في بعض المرات وهذه المرة بذاتها.

وإن أملي كله معقود على أن تجد أفكاري المطروحة في هذا المقام طريقها الميسر والمباشر إلى العقول والقلوب وبكل تقبل، وتحدث الأثر الحسن المقصود منها في الأرواح والنفوس، وتنعكس إيجابيا على السلوكيات والأعمال، وتصبح ذات فعل طيب في الواقع، وأن يتم رصد واستقبال المعاني المرفقة لها بسهولة وجودة، وإدراكها وتشربها والتشبع والانتفاع بها، وبهذا يصير بالتالي وجودنا وبقاؤنا ضمن صنف الأسوياء الصالحين من البشر مبررا وواعيا ومعبرا (بتشديد وكسر الباء) وذا مغزى في نهاية المأمورية والمطاف.